مسکافيه

قال عجوز من الواضح أنَّ القيادة لوقت طويل قد أتعبته بشدّة: «ليتني أقف هنا وأشتري القليل من المسكافيه! وهناك ماء مغلي في الترمس. أعتقد أنَّ كأساً من المسكافيه الساخنة ستكون في وقتها الآن؟!»

طلب المسكافيه الساخنة وبشكل ملّح كي يقبل السيد موسوي. كنا أنا والسيد موسوي منذ الصباح معاً. في البداية قمنا بزيارة معمله ومن ثم عدة أماكن أخرى في المنطقة الاقتصادية الخاصة. كانت المرة الأولى التي أراه فيها ومن الواضح أنه لا يمازح أحداً في العمل.

كان متيقّظاً لكل شيء وكأنَّ لديه خبرة في كل عمل وحرفة. يقول عمّال معمله أن خداعه غير ممكن. كان قد علّق لوحة على جدار مكتبه كتب فيها: «أوصيكم بتقوى الله ونظم أمركم.»

من المفترض أن يكون لدي ما أقوله؛ لكني كنتُ مشغولاً منذ الصباح بسماع كلامه الممتع حول الانضباط المالي.  بنفس الملامح الجدّية، أخرج السيد موسوي من حقيبته قطعتي نقود ورقية غير مطوية وأعطاها للسائق وقال له: «هذا من أجل المسكافيه، اشتريها بسرعة وعد فقد تأخرنا في عملنا.» ترجّل السائق. تابع: «كنتُ أقول لك أنَّ بعض هذه الوحدات الإنتاجية متوقف عن العمل وبعضها نصف متوقف، إنهم يعانون من عدم وجود انضباط مالي؛ وبالتأكيد البعض منها بسبب عدم وجود دعم حكومي. حين أن أقول أنَّ الضرائب مهمة فهو لهذا السبب. انتبه لو أنَّ جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية والتجارية الذين لديهم مردود جيد يكونون على علم برسومهم الضريبية ويقومون بدفعها في الوقت المحدد، ستكون الحكومة قادرة على دعم ومساعدة باقي الوحدات في الوقت المناسب وبالكمية المطلوبة.

هناك دورة أخرى! لو يعمل الجميع سينتعش الإنتاج ويرتفع الدخل وسترتفع قيمة الضرائب وبالتالي ستزداد الخدمات العامة والدعم الحكومي وتزداد دورة الإنتاج ورونقها مرة أخرى».

جاء السائق بنسكافيه وبسكويت. تقدمنا قليلاً نحو الأمام ووقفنا بجانب مسطبة اسمنتية موجود تحت شجرة. حين توقفنا جاء باتجاهنا عدة كلاب. حين رأى السيد موسوي الكلاب قال لنا: «اركبوا». بالرغم من أني أحاول أن أحترم عقائد الجميع إلا أنني تضايقت. أعتقد أنه كان من المبالغة بعض الشيء تجنُّب الكلاب بهذا التحيُّز.

لم أقل شيئاً. على مسافة مئة متر للأمام كان هناك دكان صغير. ترجّل السيد موسوي. غسل يديه أمام الدكان. اشترى شيئاً وعاد. قال للسائق: «عد لجانب المسطبة السابقة وظل الشجرة ذاتها»

عدنا. أخذ الترمس وجلس فوق المصطبة. ملأ الكؤوس بالماء المغلي ووضع النسكافيه في واحدة منها. حين فرغ من تحريكها وضعها أمامي وقال: «تكاليف كامل البنى التحتية في المنطقة الاقتصادية الخاصة هذه يتم تأمينه من الدخل الضريبي. تخيل لو أنَّ من كانوا قبلنا لم يسددوا ذممهم المترتبة عليهم لما كنّا الآن هنا، ولا كان هذا المعمل ولا هذه المصطبة ولا هذه الشجرة.»

نهض وصفرَ فجاءت الكلاب. أخرج من الكيس عدة قطع من النقانق ورماها أمام الكلاب.

ابتسم والتفت باتجاه السائق وقال: «المعذرة لقد أخّرتك، لكني لا أستمتع بالأكل لوحدي. بما أننا نشرب النسكافيه أو كما تقولها أنت المسكافيه دع هذه الحيوانات المسكينة تأكل لقمة هنيئة.»

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.