العِجْل

«عِـــــــِـــــــِـــــــــِـجــــل» سماع هذه الكلمة بصوتٍ رجوليّ قاسي، بـ (لام) ممدود بالكامل وخشنه، كان كافياً لجعلي متبسمراً في مكاني. كان هناك سيارة بيضاء تدور في منتصف الشارع وسيارة أجرة صفراء على بعد أربعين أو خمسين متراً للأمام تضغط على الفرامل.

وأظهرت الأدلة أن السيارتين لم تصطدما ببعضهما وأن الأمر كان مجرد تراشق بالألفاظ بين السائقين. كان في السيارة البيضاء سائق في الخمسين من عمره ذو وجه حزين، وامرأة يمكن التخمين بأنها مريضة من الغطاء الملفوف حولها. ترجّل سائق التكسي وأخذ يبحث عن شيء ما تحت مقعده.

كنتُ أرى من بعيد حمرة وجهه وأشعر بحرارة دماغه. قوتي وقدرتي التخيلية جعلتني أفهم أن الشخص الذي صرخ بكلمة "عجل" هو على الأرجح سائق السيارة البيضاء ذو الوجه المظلوم.

 حتى الآن، لم أستطع أن أفهم كيف خرجت كلمة عجل بهذه الضخامة من الفم الصغير لهذا الرجل الذي يبلغ وزنه 60 كجم. وبطبيعة الحال، لم يكن هذا الموضوع مهماً جدا!

كان المهم الحركة المباغتة والسريعة للسائق الآخر حيث تقدَّم بسرعة ثابتة باتجاه السيارة البيضاء. باستخدام معادلة فيزيائية بسيطة، يمكنني تقدير أنه سيقطع هذه المسافة في أقل من عشرين ثانية.

كان لدي شعور المكلَّف الذي كانت مهمته في الأفلام إبطال مفعول قنبلة. لقد أعطتني المرأة المريضة بنظرتها حافزاً وقد أظهر الرجل ذو الوجه المظلوم كامل ندمه بلون وجهه المصفرّ. كانت القنبلة تقترب أكثر فأكثر في كل لحظة. تجاهلتُ لباسي الأبيض ولم أعر اهتماماً لحقيبتي ونظاراتي.

أوصلتُ نفسي إلى الرجل الغاضب وكنت أشعر بالدخان يخرج من أذنيه. قلتُ: «ممممرحباً. إنه صديقي». وضع يده على صدري ودفعني قائلاً: «من الخطأ أن يكون صديقك».

ذهبتُ مرة أخرى بخطوتين سريعتين، ووقفتُ أمامه وقلتُ: «یا حاج؛ أعني أنه کان ينادي عليّ. أنا اسمي عجل».

قال ساخراً: «اذهب وقم بعملك فمن الواضح أنك لست على ما يرام».

 حين نظرتُ إلى مؤشر دماغه رأيت أنه انخفض قليلاً عن درجة الغليان ولازال الرجل المظلوم جالساً في السيارة وقد تجمع عدد من الناس وكان أحد الشباب يصوِّر فيلماً.

أمسكتُ بيد الرجل الغاضب وقلت بصوت أعلى بقليل: «كأنك لا تقيم لي وزناً؟ عزيزي أنا هو العجل وهذا المسكين كان ينادي عليّ أنا فلماذا أنت مستاء؟»

أخذ الشاب الذي کان يلتقط فيلماً بالضحك وقال: «إنَّه يقول الحقيقة يا سيدي، لما أنتَ مرتبك؟ حتى أنا عجل أيضاً، وإن كنتَ لا تصدق سأخور لك».

ارتفعت ضحكات الجميع عالیاً.

لم يعد الرجل الغاضب غاضباً. احتضنه سائق السيارة البيضاء وقبّله. قالت المرأة التي نزلت بصعوبة من السیارة: «هذا كله خطأي. لم يكن لديه المال الكافي في بطاقة البنك فأردنا أن نذهب لنقترض المال من أخيه». كنا قد تغيّرنا جميعاً؛ أنا، الشاب المصوِّر، السائق الغاضب والسائق بذيء اللسان!

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.